الندوات الوطنية '

الندوة الوطنية حول موضوع: “ثلاث سنوات من التجربة الجهوية بالمغرب وسؤال الحصيلة والأفق”

أرضية الندوة:

أضحى موضوع الجهوية المتقدمة في السنوات الأخيرة محط اهتمام كبير ومتزايد، وذلك بالنظر لكونه يمثل الإطار الملائم لبلورة استراتيجيات بديلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المحلي، وكذا تطوير مختلف تدخلات الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، والنهوض بمختلف الحريات السياسية على المستوى الترابي.

ومما لاشك فيه، أن موضوع الجهوية عرف تطورا واهتماما منقطع النظير، ليس في التجربة المغربية فحسب، وإنما بمختلف دول العالم، بحيث تم اعتماد هذا النمط المتطور من اللامركزية، بعدما أبان في عدة تجارب دولية رائدة، عن إمكانيات مهمة لإشراك الساكنة في تدبير شؤونها من خلال مؤسسات جهوية ومحلية، وعلى قدرة كبيرة في تعبئة الموارد والطاقات المتاحة، بغية ترسيخ البناء الجهوي وتمكينه من بلوغ أهداف التنمية الجهوية المتوازنة والعادلة.

وعلى خطى التجارب الدولية الرائدة، أعاد الدستور المغربي لسنة 2011 بناء التنظيم الجهوي والترابي على مرتكزات ومقومات حقيقية من شأنها تفعيل الأسس الحقة للجهوية المتقدمة (ف.136)، وداخل هذا التنظيم الترابي بوأ الجهة مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى (ف.143)، وخولها العديد من الصلاحيات والاختصاصات سواء الذاتية منها أو المشتركة بينها وبين الدولة أو حتى المنقولة إليها من قبل هذه الأخيرة (ف.140)، في سبيل تحقيق التنمية الجهوية المستدامة بمختلف مضامينها ومقاصدها.

وتعزيزا لهذا التوجه، بادر المشرع المغربي بدوره إلى إقرار القانون رقم 111.14 المتعلق بالجهات، ليعطي الانطلاقة الفعلية لورش الجهوية المتقدمة بالمغرب، متجاوزا بذلك مخلفات التجارب الجهوية السابقة، التي أبانت عن فشلها في وضع الجهة في المكانة اللائقة بها، ومحاولا الانتقال بالتدبير الجهوي من التدبير البيروقراطي المرهون بالإدارة المركزية، إلى التدبير التشاركي الذي يقوي دور النخب المحلية في بلورة القرارات المحلية، وتعبئة جهود كل الفاعلين الترابيين، وضمان التقائية جميع التدخلات التنموية.

وبالفعل، تم تنظيم أول انتخابات جهوية ومحلية في مغرب ما بعد دستور 2011، أسفرت بتاريخ 4 شتنبر 2015 عن تكوين مجالس جهوية، تتولى تدبير الشأن العام الجهوي للفترة الانتدابية 2015 – 2021، وتعتمد في سبيل تحقيق هذا المبتغى ممارسة الاختصاصات المتعلقة بها، كما هو الشأن مثلا بالنسبة لتحسين جاذبية المجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيتها، والاستعمال المعقلن للموارد الطبيعية، وتشجيع توطين الأنشطة الاقتصادية المنتجة للثروة…الخ، لكن بقي التساؤل مطروحا، هل بالفعل توفرت الظروف المواتية لكسب رهان الجهوية المتقدمة بالمغـرب ؟

اليوم، وبعد مضي ما يزيد عن ثلاث سنوات من التطبيق الفعلي للجهوية بالمغرب، وبحلول منتصف الولاية الانتدابية للمجالس الجهوية المنتخبة، يحق للباحث الأكاديمي ومعه جميع المهتمين بالشأن الجهوي، بالإضافة إلى الممارسين والفاعلين الترابيين، مساءلة نموذج الجهوية المتقدمة، والاستفسار حول حصيلة تنزيله في النظام اللامركزي المغربي، وتقييم الإنجازات المحققة مقارنة مع الأهداف المحددة سلفا، هذا مع محاولة تقديم عناصر إجابة أولية لمختلف الإشكالات والعوائق (القانونية-البنيوية-العملية) التي تعترض مسار بناء الجهوية المتقدمة، وكذا اقتراح البدائل والمقاربات الممكنة من أجل تدبير جهوي ناجع وفعال من شأنه فعلا بلوغ التنمية الجهوية المندمجة والمستدامة.

في هذا السياق؛ واقتناعا بأهمية تقييم حصيلة ثلاث سنوات من الجهوية المتقدمة بالمغرب، وبالنظر للتحديات والرهانات المعقودة على الجهات كجماعات ترابية فاعلة على المستوى المحلي، فإن “المركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات” باعتبــــاره:

مجالا حاضنا للأنشطة العلمية المتصلة بالموضوع؛

وفاعلا رئيسيا في تحريك النقاش الأكاديمي والعلمي الهادف؛

ومساهما أساسيا في رصد واقع وآفاق التدبير العمومي المحلي.

سينظم ندوة علمية وطنية بشراكة مع “فريق البحث في القانون العام والحكامة”، و”ماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة” التابعين لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، موسومة: ”ثلاث سنوات من التجربة الجهوية بالمغرب وسؤال الحصيلة والأفق”، يرمي من خلالها إلى إثارة نقاش علمي واسع ومستفيض، حول الحصيلة الأولية للتجربة الجهوية المغربية، والاكراهات والصعوبات التي تعترضها، وتقديم الحلول الممكنة لتجاوزها، كل ذلك عبر الإجابة عن مجموعة من التساؤلات المرتبطة بالمحاور الأولية التالية:

اكراهات القانونية والدستورية التي يواجهها تنزيل الجهوية المتقدمة؛

الجهوية وتحدي تحديث بنيات الدولة والجماعات الترابية؛

الجهوية وسؤال التضامن الترابي والإنصاف المجالي؛

الجهوية ومتطلبات تحقيق تطور اقتصادي واجتماعي مستدام؛

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى